بسم الله الرحمن الرحيم
يواصل علماء البحث عن احتمالية امتلاك البشر للحاسة السادسة، حيث أظهرت التجارب أن الناس يحسون بوجود أحد يحدق فيهم مع أنهم لا يرون ذلك الشخص أو يسمعونه أو يشمون رائحته أو يلمسونه. وتفاجأ الباحثون من جامعة فريبرج التي تعتبر واحدة من أقدم المؤسسات الأكاديمية التي تحظى بالاحترام في ألمانيا، بما أسفرت عنه التجارب من نتائج تشير الى احتمالية امتلاك البشر قوى غير مألوفة.
واستنتج العلماء ان الشعور الخفي بوجود شخص غير ظاهر يقوم بالمراقبة، كما يظهر كثيرا في أفلام الرعب، ربما لا يعتبر أمرا مختلفا من نسيج الخيال كما كان يُعتقد. ويقول الدكتور ستيفان سكيميد من مستشفى جامعة فريبرج: “يوجد لدينا كمية كبيرة من البيانات والمعلومات الخاصة بأكثر من ألف تجربة تُظهر أن الناس لا يتصرفون على نحو طبيعي. ومع أن التأثيرات محدودة، لكنها تختلف عما سوف نتوقعه لو لم يكن هناك شيء”.
ونشرت دراسة سكيميد في مجلة “بريتش جورنال أوف سيكولوجي”، حيث قام وفريقه بدراسة نوعين من التجارب التي قام بها الباحثون بشأن القوى غير المألوفة. وأطلق على التجربة الأولى اسم “التحديق عن بعد”. وتضمنت متطوعا في غرفة مستقلة معزولة بالرصاص، يراقب متطوعا في غرفة أخرى من خلال كاميرا خاصة.
وقد تم توصيل أقطاب كهربائية (إليكترودات) بالمتطوع الثاني، لتسجيل أي نشاط كهربائي للجلد. وبمقارنة البيانات التي يتم تسجيلها حين يكون المتطوع الثاني عرضةً للمراقبة مع تلك التي لا يكون فيها مراقباً، يستطيع الباحثون رؤية ما إذا كان للتحديق عن بعد تأثير أم لا.
وفي التجربة الثانية المسماة ب “التفاعل العقلي المباشر”، يركز المتطوع الأول على جعل المتطوع الثاني يشعر بعدم الراحة أو الاسترخاء. وباستخدام أسلوب إحصائي معقد، صنف سكيميد 55 دراسة بالاعتماد على حجم التأثير الخارق الذي تم تسجيله.
ويقول سكيميد في بحثه: “لقد حصرنا تحليلنا على الدراسات التجريبية للنوايا عن بعد، أو الإحساس بالتحديق، فلاحظنا ان بعض النتائج تتسم بالغموض”. وتوصل سكيميد الى أن هناك تأثيرا محدودا، لكنه مهم في مجمل البيانات التي سجلها.
ذكر الكثير من المعلقين ان هذه التجارب تبعث على الإحباط، وقالوا إن محاولات إثبات القوى الخارقة فشلت في إقناع معظم العلماء بوجود الحاسة السادسة.
وقال ريتشارد ويسمان أستاذ علم النفس في جامعة هيرتفورد شير: “ان عدد المرات التي تلتفت بها حولك ولا تجد شخصا ينظر إليك يفوق كثيرا عدد المرات التي تلتفت بها وتجد بالفعل شخصا ينظر إليك. بيد أنك سوف تتذكر فقط المرات التي التفت فيها حولك وشاهدت شخصا ينظر إليك”.
وقال كريس فرينس أستاذ في علم النفس من جامعة لندن: “لقد قمنا بدراسة جيدة لعدد من الادعاءات على مدار قرن، ولكن حتى الآن لا يعتبر الدليل الذي توصلنا إليه قوياً بما يكفي لإقناع المجتمع العلمي الواسع”.
طرحت بعض النظريات الخلافية الاستثنائية بشأن تجربة وجود شخصين في غرفتين منفصلتين ومحكمتي الإغلاق والعزل، يستطيعان التواصل عن طريق قوة التفكير. وترى إحدى هذه النظريات التي يجد العلماء صعوبة في قبولها ان البشر تطورت لديهم قوة لاكتشاف ما إذا كان هناك من يحدق فيهم خلسةً، من أجل تجنب حالة تسلل أشخاص من ورائهم.
وفي المقابل وضع ديفيد ماركس أستاذ علم النفس في جامعة سيتي، الذي بحث في الدوافع التي تجعل الناس يؤمنون بالقوى الخارقة للطبيعة، نظرية أخرى تقوم على مجالات علم التشكل “المورفولوجيا”. وقال: لا نستطيع قياس هذا النوع من مجال الطاقة، لكن هناك طرقا مختلفة تمكن الكائنات الحية من التفاعل مع بعضها بعضا”. وأضاف: “هذه النظرية لا تمثل خلافا بين العلماء، لأن الأفكار التي توصلنا إليها حتى الآن لا تزال مجرد تأملات”.
وتؤمن إيما كينج التي أعطت دروسا لتطوير الحاسة السادسة في مدينتي جلاسكو وإدنبرة، بأهمية التدريب في تطوير الحواس. وتقول: “كل فرد لديه المقدرة على ذلك، بيد أنها متفاوتة وتزداد عند آخرين، ونحن نتملك الحاسة السادسة لكننا نفقدها بسبب الطريقة التي يحيا بها المجتمع اليوم”. وأضافت: “لنأخذ على سبيل المثال شخصا لديه عمل تجاري، ولكنه بسبب مشكلة ما عيّن مستشارا له. ولو أنه تعلّم التفكير بطريقة حدسية وبديهية لما احتاج الى مستشار، لأنه عندئذ سيعرف الإجابة من تلقاء نفسه.
منقول